فصل: قال مجد الدين الفيروزابادي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



163- مسألة:
قوله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109)} وفى الشعراء: {قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34)}. فظاهر آية الأعراف أن الملأ قالوا ذلك، وظاهر آية الشعراء أن قائله فرعون.
جوابه:
أن كلا منهما قاله، لكن لما تقدم في الشعراء ابتداء مخاطبة فرعون لموسى بقوله: {قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا} الآيات، ناسب ذلك حكاية قول فرعون للملأ، لأنه المتكلم بذلك أولا تنفيرا لقومه عن متابعته كما تقدم قبل هذا، ولم يأتى في الأعراف مثل ذلك فحكى قولهم له.
164- مسألة:
قوله تعالى في الأعوام: {وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111)} وفى الشعراء: {وابعث} كلاهما معلوم المراد، فما فائدة اختلاف اللفظين؟ وكذلك قوله تعالى هنا: {بِكُلِّ سَاحِرٍ} وفي الشعراء {بِكُلِّ سَحَّارٍ}؟.
جوابه:
مع التفنن في الكلام، أن {أَرْسِلْ} أكثر تفخيما من {ابعث} وأعلى رتبة لإشعاره بالفوقية.
ففي الأعراف حكى قول الملأ لفرعون، فناسب خطابهم له بما هو أعظم رتبة، تفخيما له.
وفى الشعراء: صدر الكلام بأنه هو. القائل لهم، فناسب تنازله معهم ومشاورته لهم، وقولهم {ابعث}.
وأما قوله تعالى هنا: {بِكُلِّ سَاحِرٍ} وفى الشعراء {بِكُلِّ سَحَّارٍ} فلتقدم قولهم: {بسحره} فناسب صيغة المبالغة ب {سَحَّارٍ}.
165- مسألة:
قولهم هنا، وفى الشعراء: {قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122)} وفى طه: {آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى}؟
جوابه:
لما تقدم في الأعراف: {إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (104)} وفى الشعراء: {إِنِّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ناسب ذلك {آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ}. ثم خصصوا.
المراد بأنه رب موسى وهارون: الذي جاء برسالته لا غير.
وفى طه: لمراعاة رؤوس الآن اكتفى برب هارون وموسى، فلم يحتج إلى إعادة رب ثانيًا.
166- مسألة:
- قوله تعالى: {قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (125)} وفى الشعراء: {لَا ضَيْرَ} الآية بزيادة {لَا ضَيْرَ}.
جوابه:
لما كان الوعيد في الشعراء أشد ناسب مقابلتهم له بعدم التأثر به في مقابلة ما يرجونه عند الله تعالى.
167- مسألة:
جوابه:
قوله تعالى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا}. وفى يونس: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا} قدم النفع هنا، وأخره في يونس؟.
أن آية الأعراف تقدمها ذكر الساعة، فناسب في حقه تقديم النفع الذي هو ثواب الآخرة، وأخر الضر الذي هو عقابها. وآية يونس تقدمها ذكر استعجال الكفار العذاب في قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ} الآية، فناسب تقديم الضر على النفع، ولذلك قال تعالى بعده: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا}، وكذلك كلما قدم فيه النفع والضر فلتقدم ما يناسب ذلك التقديم أو تأخيره وذلك ظاهر لمن ينظر فيه.
168- مسألة:
قوله تعالى: {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200)}. وفى حم السجدة: {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36)}، بلام التعريف.
جوابه:
أن آية الأعراف نزلت أولا، وآية السجدة نزلت ثانيا، فحسن التعريف أي: هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ الذي تقدم ذكره أولا عند نزوغ الشيطان. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

المتشابهات:
قوله: {مَا مَنَعَكَ} هنا، وفى ص {يا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ} وفى الحِجْر {قَالَ ياإِبْلِيسُ مَالَكَ} بزيادة {ياإِبْلِيسُ} في السورتين؛ لأَن خطابه قَرُب من ذكره في هذه السّورة وهو قوله: {إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ قَالَ مَا مَنَعَكَ} فحسن حذف النِّداءَ والمنادى، ولم يقرب في ص قربَه منه في هذه السّورة؛ لأَن في ص {إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} بزيادة {اسْتَكْبَرَ} فزاد حرف النِّداءِ والمنادى، فقال: {ياإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ} وكذلك في الحِجْر فإِنَّ فيها {إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُوْنَ مَعَ السَّاجِدِينَ} بزيادة {أَبَى} فزاد حرف النِّداء والمنادى فقال: {ياإِبْلِيسُ مَالَكَ}.
قوله: {أَلاَّ تَسْجُدَ} وفى ص {أَنْ تَسْجُدَ} وفى الحِجْر {أَلاَّ تَكُونَ} فزاد في هذه السّورة لا.
وللمفسِّرين في لا أَقوال: قال بعضهم: لا صِلَة كما في قوله: {لِئَلاَّ يَعْلَمَ}.
وقال بعضهم: الممنوع من الشىء مضطّر إِلى خلاف ما مُنِع منه.
وقال بعضهم: معناه: مَنْ قال لك: لا تسجدْ.
وقد ذكر في مطوّلات مبسوطة.
والذى يليق بهذا الموضع ذكرُ السبب الذي خَصَّ هذه السّورة بزيادة لا دون السّورتين.
قال تاج القرّاء: لمّا حُذِف منها {يا إِبليس} واقتُصر على الخطاب جُمع بين لفظ المنع ولفظ لا زيادةً في النفى، وإِعلامًا أَنَّ المخاطب به إِبليس؛ خلافًا للسّورتين؛ فإِنه صرّح فيهما باسمه.
وإِن شئت قلت: جمع في هذه السّورة بين ما في ص والحِجْر، فقال: ما منعك أَن تسجد، مالك أَلاَّ تسجد، وحذف مالك لدلالة الحال ودلالة السّورتين عليه، فبقى: ما منعك أَلاَّ تسجد.
وهذه لطيفة فاحفظها.
قوله: {أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ}، وفى ص مثله.
وقال في الحجر: {لَمْ أَكُنْ لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ} فجاءَ على لفظ آخر، لأَنَّ السّؤال في الأَعراف وص: ما منعك، فلمّا اتَّفق السّؤال اتَّفق الجواب، وهو قوله: {أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ}، ولمّا زاد في الحجر لفظ الكون في السّؤال وهو قوله: {مَالَكَ أَلاَّ تَكُوْنَ مَعَ السَّاجِدِيْنَ} زاد في الجواب أَيضًا لفظ الكون فقال: {لَمْ أَكُنْ لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ}.
قوله: {أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} وفى الحجر وفى ص {رَبِّ فَأَنْظِرْنِّى} لأَنه سبحانه لمّا اقتصر في السّؤال على الخطاب دون صريح الاسم في هذه السّورة، اقتصر في الجواب أَيضًا على الخطاب، دون ذكر المنادى.
وأَمَّا زيادة الفاء في السّورتين دون هذه السّورة فلأَنَّ داعية الفاء ما تضمّنه النِّداء من أَدْعو أَو أنادى؛ نحو قوله: {رَبَّنّا فَاغْفِرْ لَنَا} أي أَدعوك، وكذلك داعية الواو في قوله: {رَبَّنَا وَآتِنَا} فحذف المنادَى، فلمّا حذفه انحذفت الفاء.
قوله: {إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ} هنا، وفى السّورتين {فإِنّك}؛ لأَنَّ الجواب يبنى على السّؤال، ولمّا خلا السّؤال في هذه السّورة عن الفاءِ خلا الجواب عنه، ولمّا ثبت الفاءُ في السّؤال في السّورتين ثبتت في الجواب، والجواب في السّور الثلاث إِجابة، وليس باستجابة.
قوله: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي} في هذه السّورة وفى ص {فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ}، وفى الحِجْر: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} لأَنَّ ما في هذه السّورة موافق لما قبله في الاقتصار على الخطاب دون النداءِ، وما في الحِجْر موافق لما قبله من مطابقة النِّداءَ، وزاد في هذه السّورة الفاءَ التي هي للعطف ليكون الثانى مربوطًا بالأَوّل، ولم يدخل في الحجر، فاكتفى بمطابقة النداءِ لامتناع النداءِ منه؛ لأَنَّه ليس بالذى يستدعيه النداءُ؛ فإِن ذلك يقع مع السّؤال والطلب، وهذا قسم عند أَكثرهم بدليل ما في ص، وخبرٌ عند بعضهم.
والَّذى في ص على قياس ما في الأَعراف دون الحِجْر؛ لأَنَّ موافقتهما أكثر على ما سبق، فقال: {فَبِعِزَّتِكَ} وهو قسم عند الجميع، ومعنى {بِمَا أَغْوَيْتَنِي} يئول إلى معنى {فَبِعِزَّتِكَ} والله أَعلم.
وهذا الفصل في هذه السّورة برهان لامع.
وسأَل الخطيبُ نفسَه عن هذه المسائل، فأَجاب عنها، وقال: إِنَّ اقتصاص ما مضى إِذا لم يُقصد به أَداءُ الأَلفاظ بعينها، كان اتِّفاقها واختلافها سواءً إِذا أَدّى المعنى المقصود، وهذا جواب حسن إِن رضِيت به كُفِيت مُؤَنة السّهر إِلى السّحر.
قوله: {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا} لس في القرآن غيره؛ لأَنَّه سبحانه لمّا بالغ في الحكاية عنه بقوله: {لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ} الآية بالغ في ذمّه فقال: اخرج منها مذءُومًا مدحورًا، والذَّأْم أَشدّ الذم.
قوله: {فكلا} سبق في البقرة.
قوله: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ} بالفاءِ حيث وقع إِلاَّ في يونس، فإِنَّه جملة عُطفت على جملة بينهما اتِّصال وتعقيب، وكان الموضع لائقا بالفاءِ، وما في يونس يأتى في موضعه.
قوله: {وَهُمْ بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ} ما في هذه السّور جاءَ على القياس، وتقديره: وهم كافرون بالآخرة، فقدّم {بالآخرة} تصحيحًا لفواصل الآية، وفى هود لمّا تقدّم {هؤلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ} ثمّ قال: {أَلاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} ولم يقل عليهم والقياس ذلك التبس أَنَّهم هم أَم غيرهم، فكرّر وقال: {وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} ليعلم أَنَّهم هم المذكورون لا غيرهم، وليس {هم} هنا للتَّأْكيد كما زعم بعضهم؛ لأَنَّ ذلك يزاد مع الأَلف واللاَّم، ملفوظًا أَومقدّرًا.
قوله: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ} هنا، وفى الرّوم بلفظ المستقبل وفى الفرقان وفاطر بلفظ الماضى، لأَنَّ ما قبلها في هذه السّورة ذِكر الخوف والطَّمع، وهو قوله: {وَادْعُوْهُ خَوْفًا وَطَمَعًا} وهما يكونان في المستقبل لا غير، فكان {يرسل} بلفظ المستقبل أَشبه بما قبله، وفى الرّوم قبله {وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ} فجاءَ بلفظ المستقبل ليوافق ما قبله.
وأَمَّا في الفرقان فإِنَّ قبله {كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} الآية وبعد الآية {وهو الذي جعل لكم} و{مرج} و{خلق} وكان الماضى أَليق به.
وفى فاطر مبنىّ على أَوّل السّورة {الْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلًا} وهما بمعنى الماضى، فبنى على ذلك أَرسل بلفظ الماضى؛ ليكون الكلّ على مقتضَى اللَّفظ الذي خصّ به.
قوله: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا} هنا بغير واو، وفى هود والمؤمنين {ولقد} بالواو؛ لأَنَّه لم يتقدّم في هذه السّورة ذكرُ رسول فيكونَ هذا عطفًا عليه، بل هو استئناف كلام.
وفى هود تقدّم ذكرُ الرُّسُل مرّات، وفى المؤمنين تقدّم ذكر نوح ضِمنًا؛ لقوله: {وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُوْنَ}؛ لأَنَّه أَوّل مَن صَنعَ الفلك، فعطف في السّورتين بالواو.
قوله: {أَرْسَلْنَا نُوْحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ} بالفاءِ هنا، وكذا في المؤمنين في قصّة نوح، وفى هود في قصّة نوح، {إِنِّي لَكُمْ} بغير فاء، وفى هذه السّورة في قصّة عاد بغير فاء؛ لأَنَّ إِصبات الفاءِ هو الأَصل، وتقديره أَرسلنا نوحًا فجاءَ فقال، فكان في هذه السّورة والمؤمنين على ما يوجبه اللَّفظ.
وأَمَّا في هود فالتقدير: فقال إِنى فأَضمر ذلك قال، فأَضمر معه الفاءَ.
وهذا كما قلنا في قوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُمْ} أي فقال لهم: أَكفرتم، فأَضمر القول والفاءَ معا، وأَمّا في قصّة عاد فالتقدير: وأَرسلنا إِلى عاد أَخاهم هودًا فقال، فأَضمر أَرسلنا، وأَضمر الفاءَ؛ لأَنَّ الفاء لفظ أَرسلنا.
قوله: {قَالَ الْمَلأُ}بغير واو في قصّة نوح وهود في هذه السّورة، وفى هود والمؤمنين {فقال} بالفاء، لأَن ما في هذه السورة في القصّتين لا يليق بالجواب وهو قولهم لنوح {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ظَلاَلٍ مُبِين} وقولهم لهود {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الكَاذِبِين} بخلاف السّورتين، فإِنَّهم أَجابوا فيهما بما زعموا أَنَّه جواب.